الجمعة، ١٨ سبتمبر ٢٠٠٩

عارفة نفسي في أيه ؟

عايزة تعرفي أنا نفسي في أيه ؟ أقولك ....
نفسي أخد جايزة نوبل .. لدرجة أن كل مدة بقعد أحضر خطاب تسلم الجايزة .. طبعاً الخطاب بيختلف من فترة لفترة ومن مرحلة عمرية لمرحلة تانية .. لكن الثابت أني الخطاب بيتكتب مرة واحدة .. في البيت.. وفي مكان واحد بس .. فوق السرير ودماغي فوق المخدة وعنيا لازقة في السقف .. ولازم الدنيا تكون ضلمة ومفيش غير شوية أضواء خافتة جاية من الشارع مطبوعة على السقف ... وده عشان محدش يضحك عليه أو يسخر مني لو شافني وأنا بقول الحكم ... أوبأهجم أسرائيل وأمريكا .. أو وأنا بتكلم عن مفهوم الكتابة وخلاصة تجاربي اللي عمرها ما تمت ...
ونفسي كمان أبطل سجاير .. وأبطل ممارسة العادة السرية .. وأبطل أدمان النت .. والأفلام .. والمسرح ... والكلام في السياسة ... والتلفزيون .. وأبطل أخاف ... وأبطل تفكير وأعيش كما أي حيوان ... وياريت أبطل قراية الكتب .. والكتابة اللي ما منهاش فايدة وبتضيع الوقت ... نفسي أبطل أدمان ... أو كما قال عادل أمام : عايز أفوق يا طلبة ..
نفسي أبطل أحساسي بالإختلاف .. وبأني مش زي الناس .. ومشاعر الغربة عن العالم .. وعن مصر .. ونفسي أتعلم أحب عمرو دياب وشيرين وهيفاء ونانسي عجرم .. الخ .. وأبطل أسمع منير وعلى الحجار وفيروز وموسيقي الجاز وشوية الموسيقي الكلاسيك اللي ممكن يتسمعوا
وكما نفسي أعرف أحب .. كل الناس بتتكلم عن الحب .. وبتنظر له .. لكن عمري ما عرفته ...... عمري ما عرفت يعني أيه حب .. بس التعرف على حقيقة الحب ممكن يبقي مطلب عام .. فبلاش أتكلم عن أزمة عامة.
وعارفة نفسي في أيه كما ؟ .. نفسي أحس بالأمان .. نفسي أعرف أمشي في الشارع من غير أحساس بالقلق والقرف والتقزز والتوتر ...
نفسي أصرخ .. بس للأسف عمري ما عرفت حتى وأنا في الصحراء .. مابعرفتش أصرخ ... نفسي أغضب وأثور وأكسر وأشتم وأتف وألعن أبو الدنيا ..
نفسي أحس أن الناس بتحبني .. وأتأكد أنك بتحبيني أنا مش القشرة اللي حوليا؟!! .. ونفسي في الشمس تدخل الأوضة وتفتح الستارة وتصحيني كل يوم الصبح وتعملي شاي أو حتي قهوة وتحط لي على ترابيزة المطبخ وردة حمرا في زهرية بيضا صغيرة ...
وكمان كان نفسي .. أتعلم طيران ... وأتعلم الرسم .. ويبقي عندي فيلا صغيرة .... بس مش أي فيلا .. نفسي في فيلا شبه الفيلات اللي كانت موجودة في العباسية زمان .. واللي ممكن يكون لسه باقي منها كام واحد في العباسية ومصر الجديدة .. فيلا من دورين ليها مدخل صغير وبرج صغير معمول من الخشب والزجاج الملون فوق السطح .. ويكون مكان البرج فوق السلم .. وتخش الشمس الصبح تلون الفيلا بمليون لون ولون .. ويبقي للفيلا سور حديد قصير ... وبوابة صغيرة .. وجنينة متر في متر .. أتدفن فيها لما أموت .. وأسقيها كل يوم الصبح وازرعها ورد أحمر وياسمين أبيض ..
ونفسي أتكلم .. وأتكلم .. وأكتب رواية كبيرة .. ماكتبش فيها عن أي شيء خارج حدود ذاتي ... رواية أكتب فيها عن الخوف والقلق .. والأكتئاب والكام سنة اللي فاتوا .. رواية أكتب فيها عن نفسي .. من غير ما أخاف من اللي ممكن أشوفه .. من غير ما خاف ... من غيرقلق أو تفكير في النتايج حتى لو كان التمن أني أموت بعدها .. لانها في اللحظة دي ح تكون أنا .. أنا بكل المدن الخيالية اللي عرفتها و بكل التوتر .. وأكيد ح أكتب فيها عن الناس اللي عرفتهم .. رجاله وستات ... وأكتب فيها عن الكلاب الصغيرة البيضا الجميلة ... وعن الأرتباط العاطفي .. والجنس .. والأحلام .. وكل شيء ... وفي الأخر أكتب فيها عن ربنا .. وأكيد ح يجوبني ويرد عليا لو كان سامعني ...
وعارفة أحلي حاجة نفسي أعملها .. نفسي أبطل كسل ... نفسي أعرف أشتغل من غير ملل .. مش عشان الفلوس .. طبعاً هيه مهمه .. لكن عشان أحس بنتيجة ... مجرد جدوي لوجودي في الكوكب الصغير الأزرق ..
ونفسي أغير قصة حياتي .. ومكان ميلادي .. والمدارس اللي أتعلمت فيها .. وكل التجارب السلبية اللي مرت في حياتي ... وبالمرة يبقي عندي ألة الزمن اللي في رواية ويلز ... واعيش في زمن تاني .. وياريت يكون في المستقبل ... لاني ما بحبش الماضي .. أسكن في سفينة فضائية كبيرة .. وكل يوم أقبل كائنات جديدة .. وأتفرج على المجرة .. وممكن كمان أزور سديم النسر والنجوم العملاقة .. والكواكب.. وفي أخر الرحلة أشوف نفسي في الثقب الأسود وأختفي للأبد .. ولا كأني أتوجدت ...
ونفسي أستغل الهندسة الوراثية وأغير جيناتي .. ويبقي لي ضحكة أمريكاني .. ودأب ياباني .. وخيال لاتيني .. وذكاء أينشتين وموهبة شكسبير ودوستوفسكي ... ريحة رضيع .. وحيوية طفل عنده ثلاث سنين .. وفرحة مولود بصدر أمه بعد جوع .. وحرية .
وكما لو ممكن أبطل أبربش بعيني .. وأبطل أبص للسماء ... وأبطل أمشي بالطريقة دي .. وأبطل خبث .. وأقلع كل الأقنعة اللي ساحت على وشي وبقت مني وأنا منها ..
ونفسي أغني .. بس بصوت حلو ... وأرقص لحد ما اقع .. وأشرب بيرة لحد ما يغمي عليه ... وأسكر في ميدان التحرير ...
ونفسي أموت وأنا بأبتسم ....
ونفسي أعيش للأبد ...
عرفتي نفسي في أيه ؟..... نفسي أعيش

ليست هناك تعليقات: