الجمعة، ١٨ يوليو ٢٠٠٨

أرض الخجل



حدث أنه صباح أحد الأيام في أستيقظ جميع سكان بلاد الخجل  ليجدوا أنفسهم عرايا في أسرتهم .. وذلك برغم حرص الجميع على التستر بكل ما يملكون من ملابس قبل النوم ...لم تكن المشكلة في أكتشاف الجميع لعريهم فحسب بل في صعوبة الخروج من السرير لما يستشعره أهل البلدة من خجل لرؤية الأجساد العارية ... حتى لوكانت أجسادهم هم ...
قد يتقول الجميع على ذلك العالم الخجول بأنه غير منطقي .. أو قد يفكر أحدكم في منطقية أن يفقد الجميع ملابسهم ليلاً ؟
وقد يتجه البعض منكم بتفكيره نحو ذلك الفاعل المجهول وهويته الغامضة وقدراته التي لا يمكن أن نستوعبها ألا إذ أفترضنا أن من قام بذلك من الجن ... أو أنه يمتلك قوي خارقة تمكنه من ممارسة ذلك العبث المخجل ...
سيقول البعض بالتأكيد لماذا لم يوجه طاقته ذلك الجنى البارع إلي القيام بشيء مفيد ... كقتل بعض الفاسدين أو أرشاد الشرطة عن أوكار اللصوص .. أو الأستيلاء على مقاليد الحكم في أي من المدن أو البلاد التي تملاء فضاء الكوكب .
لكن كل ذلك ليس بالأمر الهام ... يكفينا أن نعرف أن من قام بتلك الفعلة الفاضحة قد قام بإقترافها بعد منتصف الليل وأن تعددت الشهادات حول ذلك الأمر إلي حد أدعاء البعض أن من قام بسرقة ملابس أهالي المدينة عصابة كبيرة تجمع الملابس والأقمشة والحبال من كل مدن العالم  كي ما تصنع حبلاً شديد السماكة والطول بحيث يكفي لتحقيق مشروعهم الطموح بالصعود إلي الله...
لكن ذلك أيضاً ليس بالخبر المؤكد أو الهام بل أن ما يعنيه سكان مدينة الخجل هو الذي يستحق من الرثاء بقدر ما يثير من ضحك ... فلنتخيل رجل في منتصف العمر ينام إلي جوار امرأة تزوج منها منذ عشرون عاماً ... لنتخيل هذا الرجل وهو يستيقظ ليجد تلك الزوجة نائمة إلي وقد أنحسرت الملاءة عن جسدها بينما تشابكت قدميها مع قدميه ...
تخيل ذلك الأحساس بالخجل الذي يملاء نفسه وهو يشاهد الجسد الذي ظل يعاشره طوال تلك السنوات في الظلام .... لنتخيل ذلك الشعور بالخجل الذي يتملك روحه عندما يكتشف أمكانية أن تري هي الأخري جسده العاري .....

هناك تعليقان (٢):

Al-Firjany يقول...

أحلى احساس :-))
==
جميلة القصة .. وأظن مدينة الخجل - لو فهمتها صح يعني- تخجل من أن ترى نفسها أمام مرآة السينما أو تخجل وتنزعج لو رأت نفسها على صفحات الجرائد
مدينة الخجل لا تخجل من الحديث عن أفعال فاضحة أخرى يرتكبها أهلها!
==
جميلة جدا الجملة الأخيرة من خجل الروح من الجسد الذي يغطيها .. لتفاجأ أن ما التحفت به طوال حياتها عاري!

تذكرت موضوع قرأته من فترة عنوانه "ورقة التوت"، قال كاتبه إنه لما كان طفل سأله عن ورقة التوت التي رآها تستر الانسان القديم في أحد الصور، فقال له الوالد تلك محاولة من الانسان القديم لستر عورته، وداخل كل منا عورة يحاول المواربة عليها بورقة توت، لكنها لا تلبث أن تنكشف بفعل عوامل التعرية من الانسان نفسه

قصة جميلة .. ودي المرة التانية اللي ادخل هنا وحبيت إني اعلق

أمل أسكاف يقول...

شكراً لك على الزيارة والتعليق والرأي الجميل الذي أسعدني ...

شكراً لك