الاثنين، ٥ أكتوبر ٢٠٠٩

حكاية قديمة


يحكي أن رجلاً كان له وجه صغير وقلب يسع العالم .. ويحكي أنه أحب ذات صباح بعيد امرأة .. وأنه كان يحب طلتها الخمرية ويحب أنفها المميز .. ويحكي أن جميع أصدقاءه رفضوا تلك العلاقة .. وأنهم تابعوا تلك الحكاية بقلق وتوجس .. ويحكي أن الرجل كان سليم الطوية يصدق كل ما يقال له ... حتى وعود الفراش ... ولكنه ذات شعر مساء انه غير قادر على تحمل الحياة معها لأنها كانت عنيفة وفظة .. كانت بخيلة وقاسية .. لا تمتلك سوي الصراخ واللعنات ... ولذلك فلقد تركها ورحل .. ويحكي أنه ظل لشهور طويلة يحلم بها وهي تبكي ويري دموعها وهي تنهمر من عيونها الملونة ... وكان يتسائل كل صباح بعدما يستيقظ من النوم ومرارة الحلم لم تزل عالقة بحلقة وبقايا النشيج تلوث روحه .. هل حقاً كانت تستحق هجره لها .. ألم يجرحها .. ألم يقتل بيديه روحها .. أليس بذلك قد تحول لقاتل ؟ ولكن وبعدما عاد للحياة وللأصدقاء حكي له الجميع عنها حكايات مريعة .. كيف أصبحت وكيف تتعامل .. كيف تحولت لعاهرة ..
عاهرة .. لكم شعر بالم عندما سمع تلك الكلمة .. شعر كما لو ان روحه تنتزع من بين ضلوعه .. وشعر بأن قلبه يرتج .. وبأنه ينزف ..يزنف حتى الروح

لكن ما قضي عليه حكاية ذكرها له صديقه بشكل عابر ..
قال :لقد كنت أراها ولمدة اسبوع وهي تمر من إلي جوار منزلي وتصعد لمنزل مجاور .. في الحقيقة لقد كنت أتظاهر أمام نفسي بأنها ليست هي خصوصاً بعدما سالتك عنها وأخبرتني أنها غير موجودة بالمدينة ... لقد كانت تذهب لمنزل عشيقها كل صباح وأنت تظن أنها مسافرة

عند ذلك الحد فكر الرجل : لو انها تحولت لعاهرة بعدما تركتني فلسوف يزداد أحساسي بالذنب تجاهها .. وأن كانت كذلك وهي معي فربما يقلل ذلك من ألم الذنب لكنه كاف لقتلي .. من المؤلم أن تشعر بالذنب ومن القاتل أن تشعر بالخيانة وظل الرجل يرحل بين اليقين والشك لا يرغب في التصديق أو الأنكار .. فقط قرر أن الحل الملائم هو ان يظل على الحافة فهناك فقط يمكن له الحياة دون ذنب أو خيانة .. فقط هناك يمكن للنسيان أن يزور أحلامه وأنتهت الحكاية ولكن لم يعد الرجل هو ذاته ولم تعد المراة كما كانت ...
تلك كانت حكاية قديمة لا تصلح سوي للذكري ولذلك فهي تزورني كل فترة لتذكرني أن النسيان له قوانين مختلفة عن قرارتنا وعن تصورتنا عن أنفسنا .

ليست هناك تعليقات: